 
تُعدُّ النباتات العطرية والطبية في المملكة العربية السعودية من أهم الثروات الطبيعية التي تزخر بها البلاد، إذ تمثل جزءًا أصيلًا من موروثها البيئي والحضاري، وجانبًا حيويًا من مقومات الأمن الدوائي والاقتصادي الوطني. تمتاز المملكة بتنوّع مناخها وبيئاتها الطبيعية بين السهول الساحلية والجبال والوديان والصحارى، وهو ما أوجد تنوعًا نباتيًا فريدًا يُقدّر بآلاف الأنواع التي تتأقلم مع مختلف الظروف البيئية، ومن بينها مئات الأنواع من النباتات الطبية والعطرية ذات الأهمية العلمية والاقتصادية العالية.
لقد استخدم الإنسان العربي منذ القدم هذه النباتات في حياته اليومية، فكانت الصيدلية الطبيعية التي وفّرت له العلاج والغذاء والعطر في آنٍ واحد. فقد عرف الأجداد خصائصها العلاجية واستعملوها لعلاج أمراض الجهاز الهضمي والتنفس والمفاصل والجلد، كما استخدموها في صناعة العطور والبخور والزيوت، مما جعلها جزءًا من الثقافة الشعبية والتراث العربي الأصيل. ومع التقدم العلمي، أثبتت الدراسات الحديثة القيمة الدوائية العالية لهذه النباتات، حيث تحتوي على مركّبات فعالة تدخل اليوم في صناعة الأدوية، ومستحضرات التجميل، والزيوت العطرية، والمكملات الغذائية.
وتضمّ أراضي المملكة أنواعًا شهيرة على مستوى العالم مثل الورد الطائفي المعروف بعطره الفاخر، والشيح والقيصوم والخزامى والحرمل والبابونج البري والحبق والزعتر البري، وغيرها من الأنواع التي تنمو طبيعيًا دون تدخل بشري، ما يمنحها نقاءً وخصائص علاجية استثنائية.
وفي ظل رؤية المملكة 2030، برزت الجهود الوطنية لتعزيز استدامة هذا المورد الطبيعي من خلال دعم الأبحاث الزراعية والدوائية، وإنشاء الحدائق النباتية والمحميات، وتشجيع الاستثمار في مجال النباتات العطرية والطبية بما يحقق عوائد اقتصادية ويعزز الأمن الصحي والبيئي للمجتمع. ومن هذا المنطلق، تمثل هذه النباتات ثروة وطنية وركيزة من ركائز التنمية المستدامة، تربط بين التراث والابتكار، وتفتح آفاقًا واعدة لمستقبلٍ بيئي واقتصادي مزدهر.